الخميس، 5 مارس 2015

من كتاب ( حياتنا قصص ) للروائي العماني زاهر بن ناصر الراشدي

من كتاب ( حياتنا قصص ) للروائي العماني زاهر بن ناصر الراشدي
استمتعوا بالأدب الراقي ............
{ ابن الجن } 
انتهى المهندس من عمله في إحدى الشركات الكبيرة, ركب سيارته الفارهة واتجه إلى بلدته, وبينما هو في طريقه لمح من بعيد شيخا مسنا يقف على رصيف الشارع، كان الجو حارا فأشفق عليه وقرر أن يقف ويسأله عن وجهته 
وقف بجانبه وفتح النافذة الجانبية وسأله:(وين بغيت الوالد؟) أخبره الشيخ بمقصده ،فتح المهندس الباب ورحب بالشيخ قائلا له: تفضل سأوصلك، شكر الشيخ المهندس ودعا له ولوالديه ،أخفت المهندس صوت المسجل وأخذ يتبادل الحديث مع الشيخ المسن, وفجأة تجاوزتهما سيارة بسرعة جنونية ، نظر الشيخ بغضب للسيارة وقال: (هذا ما آدمي هذا ود جن!!) لم يتمالك المهندس نفسه فانفجر من الضحك، أخذ يضحك بشكل ملفت جدا مما حدا بالشيخ أن يسأله: ما الذي يضحكك؟ قال المهندس ويده اليسرى تمسح الدمع من عينيه: ضحكتني كلمة (ود الجن)،هذي الكلمة تذكرني بقصة جميلة جدا سأقصها عليك الآن: 

فرغ المصلون من أداء صلاة الفجر, فسلموا على بعضهم البعض كما جرت العادة بعد كل صلاة فجر، البعض بقي في المسجد لقراءة القرآن الكريم والبعض الآخر انصرف، وفور خروجهم من عتبة المسجد أصابتهم الصدمة عندما اكتشفوا أن جميع نعلان المصلين قد اختفت بما فيهن نعال الإمام، غضب البعض وضحك البعض الآخر، علق أحدهم على الموقف بصوت مبحوح بعد أن هز رأسه يمنة ويسرة قائلا(ما يسويها غير ود الجن).. ما باليد حيلة.. رجعوا إلى بيوتهم حافيين.. وبعد أشهر قليلة على هذه الحادثة وفي العاشرة مساء استقبل أغلب أهل الحارة اتصالا هاتفيا يفيد بأن العم عبدالله انتقل إلى رحمة الله، خرجوا من منازلهم مفجوعين بالخبر, فتوجهوا لمنزل العم عبدالله ليتفاجأوا أن العم عبدالله متسمر أمام تلفازه الصغير يشاهد نشرة أخبار العاشرة!!! رجع الجميع إلى بيوتهم وكل يحدث نفسه ويقول: (هذي سوالفك يا ود الجن الله ينتقم منك). وبعد مدة ليست بالطويلة قدم إلى الحارة بائع الطماطم ، بائع متنقل يتنقل بسيارته من مكان لمكان ليبيع الطماطم ويكسب رزقه بطريقته، أوقف البائع سيارته أمام باحة المسجد وبدأ الأهالي ينساقون إليه ، وبعد وقت قصير ركب البائع سيارته وتوجه لمنزل الشيخ راشد وفرغ ثلث حمولة السيارة مما تبقى من الطماطم أي ما يقارب العشرة صناديق, ووضعهن أمام باب بيت الشيخ، رن الجرس فخرج الشيخ ليتفاجأ بصناديق الطماطم أمام باب منزله وقال للبائع: من أخبرك أنني أريد هذه الكمية من الطماطم؟!! قال البائع: أحد الأولاد قال لي أنه عندك وليمة, وتريد عشرة صناديق, وهو من دلني على بيتك, قال الشيخ:(أكييييد ود الجن، هذي لعيباتك يا سالم)..
يضحك الرجل المسن الذي كان مستمتعا بالقصة ويعلق:أما انه ولد شقي، وين عنه أبوه؟!! يواصل المهندس سرد 
القصة: سالم فتى شقي جدا الكل تأذى من شقاوته الكبير قبل الصغير,وأنا لم أقص عليك إلا الشيء اليسير من شقاوته, حتى والده المسكين لم يسلم من شقاوته, عرف بين أهل الحارة (بولد الجن) واشتهر بهذا الاسم نظرا لشقاوته الغريبة ،والده يعمل في منطقة بعيدة, ويؤوب إلى بلدته مرة في الأسبوع ، وقد اعتاد كلما يرجع إلى بلده أن يتلقى عشرات الشكاوي من أهالي المنطقة بسبب شقاوة ابنه، تعب الأب كثيرا من ابنه فقد استخدم معه كل الوسائل ولكن دون نتيجة، كان يقسو عليه أحيانا كثيرة في الضرب لدرجة أن الجيران يسمعوا صراخه وهو يضرب ...... الضرب يستمر والشقاوة كما هي والأب المسكين لا حول له ولا قوة 
يتدخل الرجل المسن: واااحليله.. حتى الضرب ما جابه؟!!
يبتسم المهندس ثم يواصل :ظل سالم متمسكا بشقاوته وظل اللقب ملازما له أينما حل, حتى ألف هذا اللقب بقدر ما ألف أهل الحارة شقاوته, وفي يوم من الأيام كان ابن الجن يمارس شقاوته في أحد الأودية القريبة من منطقته, سمع صراخا من مكان ليس ببعيد, فانطلق مسرعا وبداعي الفضول إلى مصدر الصراخ, وعندما وصل المكان وجد صبية في مثل عمره والبعض يكبره بكثير, وجدهم يستغيثون ويصرخون : أحمد يغرق, أحمد يغرق ... نظر إلى بركة كانت أمامه فرأى الطفل أحمد يصارع المياه, ويوشك أن يغرق, بينما يتفرج عليه من حوله, فلا حول لهم ولا قوة, ولم يتجرأ أحد منهم بالقفز في البركة وإنقاذه, وبدون تردد ولا تفكير هب ابن الجن وقفز إلى البركة دون حتى أن يخلع شيئا من ملابسه, فحمل الطفل من تحت كتفه, وأخذ يجره إلى أن وصل به إلى حافة البركة, ونجح في إنقاذ حياته, والطريف في الأمر(يا الوالد) أن ولد الجن لا يجيد السباحة, ولكن شقاوته دفعته للارتماء في البركة, ولطف الله به وبالطفل الذي أنقذه
يهز الرجل المسن رأسه ويقول: ما قصر ود الجن, ما قصر!!
يعود المهندس لمواصلة قصته: شاع خبر إنقاذ ولد الجن للطفل بين كل أهالي البلدة, فأعجبوا بشجاعته وغفروا له كل ما بدر منه من شقاوة, وصاروا يحترمونه كثيرا وينادونه بالشجاع, يقاطعه الرجل المسن: يستاهل ود الجن يستاهل يسمى الشجاع، يكمل المهندس ما تبقى من قصته: ومن تلك اليوم تغيرت نظرتهم إليه, وبالمقابل تغيرت نظرته لنفسه, فابتعد عن الشقاوة وصار يولي جل اهتمامه بالدراسة وبأخوته الصغار, ليعوضهم بعد أبيهم عنهم, مما أسعد والده كثيرا واكتشف الأب لاحقا أن نظرة الأهالي لابنه وإطلاق لقب ولد الجن عليه كان عاملا مهما في تمسكه بشقاوته.
يعلق الرجل المسن على القصة: أووووف أووف قصة جميلة جدا, وبالفعل يا ولدي اللقب له أثر كبير على صاحبه.
وجه المهندس سؤالا للرجل المسن: أتعرف أين ولد الجن الآن؟ أجاب المسن: ومن أين لي أن أعرف؟أجابه المهندس : انه بجانبك يقود السيارة, نظر الرجل المسن إلى المهندس سالم باستغراب وقال:أنت؟!! قال المهندس: نعم أنا, وما حكيته لك كانت قصتي.. وأتمنى منك أن تنتقي لأبنائك وأحفادك أفضل الألقاب, حتى لا تتكرر قصتي مع أحد فيهم فيعذبك بشقاوته ... (ضحك الاثنان وآن لقلمي أن يقف)
للمزيد
https://www.facebook.com/talib.alrashdy
منقول بدون تصرف

هناك تعليقان (2):

  1. برنامج حسابات
    تضبط به حسابات مؤسستك مهما كان نشاط عملك تجاريا او صناعيا لذلك اختارنا لك مجموعة متكاملة من الانظمة المحاسبية التى تخدم كافة المجالات ومن هذه الانظمة


    تحميل برنامج مخازن


    برنامج مستلزمات الاسنان


    برنامج حسابات


    برنامج كاشير


    برنامج محاسبة شركات


    برنامج حسابات محلات الملابس


    برنامج الصيدليات


    ردحذف